يلعب الشيك دورا مهما في الحياة اليومية سواء في ميدان المعاملات التجارية أو في ميدان المعاملات المدنية باعتباره أداة وفاء والتزام تحل محل النقود في التعامل بين الأفراد ، و نظرا لهذه الأهمية فقد أصبح أكثر الأوراق التجارية انتشارا و تداولا بين الناس، على الرغم من حداثته. فالكثير من الناس يواجهون مشكلة الشيكات المرتجعة خلال إقامتهم في الإمارات. فما هو الشيك المرتجع ؟
اولا الشيك من الناحية القانونية عرف في المادة 483 من قانون المعاملات التجارية لدولة الإمارات العربية المتحدة بأنه ورقة تجارية تتضمن أمراً صادراً من الساحب إلى المصرف المسحوب عليه بان يدفع في اليوم المبيّن فيه كتاريخ لإصداره مبلغاً معيناً من النقود لإذن شخص ثالث هو المستفيد أو لحامله.
يعتبر الشيك مستنداً يتضمن أمر كتابي صادر من صاحب الحساب (الساحب ) إلى المسحوب عليه (البنك) بدفع مبلغ معين إلى شخص ما، ومن ثم فإن للشيك ثلاث أطرف:
الشيك المرتجع وهو ما يعرف عادةً بأنه شيك بدون رصيد، أو شيك سيء، ويسمَّى شيك مرتجع في حالة عدم توفر أموال تساوي أو تزيد عن مبلغ الشيك في تاريخ الإصدار أو في حالات فنية مثل التوقيعات غير المتطابقة ، أو عدم وجود تاريخ أو تاريخ خاطئ ، أو كتابة نص مكتوب بشكل زائد أو مكتوب و كذلك في حالة إغلاق الحساب المصرفي قبل صرف الشيك او في حالة اعطاء تعليمات من قبل المسحوب عليه للبنك بوقف الدفع مقابل الشيك.
تخوّل المادة رقم 632 من قانون المعاملات التجارية الإماراتي حامل الشيك من اتخاذ إجراءات قانونية ضد الساحب أو مجيِّر الشيك أو أي طرف مسؤول عنه إذا تم تقديم الشيك خلال الفترة المحددة ولم يُسدد.
فما هي اذا الاجراءات القانونية التي يجب اتخادها عندما يتم ارتجاع الشيك ؟ يثبت اولا و قبل اي شيء عجز الساحب عن السداد عن طريق بيان من البنك، ولا يجوز للبنك رفض طلب إصدار هذا البيان، لكن بإمكانه طلب مهلة لا تتجاوز ثلاثة أيام عمل بعد تقديم الشيك للتواصل مع الساحب. في حالة عدم الاتفاق يحق لحامل الشيك بدء الإجراءات القانونية على الفور, وقد تأخذ تلك الإجراءات شكل دعوى جزائية أو دعوى مدنية.
إجراءات الدعوى الجزائية
لكي تقدم دعوى شيك مرتجع, ضروري من ان يقوم حامل الشيك بتقديم شكوى للشرطة بالامارةالمعنية ضد الساحب. في دبي، يمكن تقديم الشكوى لقسم الشرطة عبر تطبيق قسم شرطة دبي. حين تلقي الشكوى تتواصل الشرطة مع محرر الشيك و تعلمه بالشكوى و تطلب حضوره . في قسم الشرطة يسمح للساحب دفع قيمة الشيك المرتجع و في هذه الحالة لا يتم اتخاد اي اجراءات قانونية اخرى.
و علما ان ارتجاع الشيك يعتبر جريمة جزائية في الامارات, فبمجرد تقديم الشكوى بقسم الشرطة, يتم اصدار حظر سفر\مذكرة توقيف على الساحب تلقائيًا. ومن ثم، يتم منع محرر الشيك من مغادرة الإمارات والقبض عليه إذا حاول الهرب، أو يتم القبض عليه إذا حاول دخول الإمارات. ويمكن رفع هذا الحظر أو المذكرة عند تسوية الشيك المرتجع، أو بعد قضاء العقوبة.
يتم احالة الدعوى من طرف الشرطة الى النيابة العامة في المحكمة لاجراء المزيد من التحقيقات و حينها تقوم النيابة العامة بالتخاد القرارات في الدعوى بعد سماع الخصوم.
يتجسد دور المحكمة الجزائية في التعمق في التفاصيل و كذلك سماع مرافعات الطرفين و الاطلاع على الاثيباتات المقدمة و بعدها في بالتحقق مما اذا كانت عناصر الجريمة كافية .
فنستنتج هنا ان العجز عن توفير المبلغ المالي من الحساب البنكي لمحرر الشيك بعد تاريخ الإصدار، أو ارتكاب خطأ في الاسم أو قيمة المبلغ أو التوقيع يعتبر جرما في حالة اجتماع الفعل الجرمي مع النية الإجرامية، والأخيرة تعني نية مرتكب الفعل بإلحاق ضرر مادي بالشاكي. و تكون في هذه الحالة العقوبة طبقا للمادة 401 لقانون العقوبات و تعديلاته الحبس او الغرامة.
إجراءات الدعوى المدنية
تعمل كل من المحكمة الجزائية والمحكمة المدنية كل واحدة على حدى و كل واحدة منعزلة على الاخرى, من ثم، فإن العقوبة التي تصدرها المحكمة الجزائية تعد عقوبة على تحرير شيك بنية سيئة دون وجود ما يكفي من المال في حساب الساحب، أو سحبه لجميع أمواله أو جزءًا منها بعد تحرير الشيك، بحيث لا يصبح المبلغ المتبقي كافيًا لتغطية المبلغ المستحق.
و مع ذلك يمكن للمحكمة التي أصدرت الحكم الجزائي بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية للبت فيها و يمكن كذلك المدعي تقديم الدعوى إلى المحكمة المدنية أيضًا للمطالبة بحقوقه.
بالنسبة للدعوى المدنية فالسلطة القضائية التي تؤدي دور المحكمة المدنية قد لا تكون محكمة بالأساسعلى سبيل المثال، في دبي، يعد مركز تسوية النزاعات الإيجارية (الذي يعرف أيضًا باسم اللجنة الإيجارية) هو السلطة المختصة بتسوية النزاعات الإيجارية.
و بعد تقديم الإثباتات والاطلاع على الحقائق المقدمة من كلا الخصمين، بإمكان المحكمة المدنية إلزام محرر الشيك بدفع مبلغ من المال يساوي قيمة الشيك أو المبلغ المستحق.
ابتداءا من دجنبر 2017 و بامر من المدعي العام لامارة دبي لم يعد يتعامل مع المخالفات البسيطة بالشرطة وأنظمة المحاكم الجزائية، بل تم تخفيفها واصبجت تعتبر جنح يعاقب عليها بالغرامة وليس الحبس (بحسب ما يقرره النائب العام).
ووفقًا لهذا الأمر، يعاقب على الشيكات المرتجعة التي لا تتجاوز 200,000 درهم بالغرامات التالية:
مبلغ الشيك المرتجع | الغرامة |
أقل من 50,000 درهم | 2,000 درهم |
50,000 – 100,000 درهم | 5,000 درهم |
100,000 – 200,000 درهم | 10,000 درهم |
و بعد تخفيفات 2017, اعتمد مجلس الوزراء مؤخراً إصدار مرسوم بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام القانون الاتحادي للمعاملات التجارية سيتم العمل به مع بداية عام 2022. يهدف المرسوم الجديد للجوء إلى الآليات المدنية ، في المقام الأول إلى تجنب الدعاوى الجنائية وتسهيل الإجراءات البديلة. يشجع المصالحة وينص على دفع قيمة الشيكات المرتجعة كشرط أساسي لإلغاء الدعوى الجنائية.
لتقليل الضغط على المحاكم الجنائية الناظرة في القضايا المتعلقة بالشيكات المرتجعة، تشجع هذه التعديلات الأطراف على البحث عن حل بديل للنزاع قبل اللجوء إلى الإجراءات الجنائية. كما تتم أيضاً إعادة تعريف حالات التجريم المتعلقة بالشيك وتحديدها لتشمل جرائم تزوير الشيكات، والاحتيال باستخدام الشيكات بإعطاء أمر للمصرف بعدم صرف الشيك بدون حق، وسحب كامل الرصيد قبل تاريخ إصدار الشيك، وتعمّد تحرير الشيك أو توقيعه بصورة تمنع من صرفه، وبموجب هذا التعديل، فقد تم إلغاء التجريم الوارد حالياً في قانون العقوبات حول الشيك، وخاصةً فيما يتعلق بإصدار شيكات بدون رصيد، عدا عن الحالات المذكورة في المرسوم بقانون.
شمل القانون تعديلات مهمة حيث جاءت أهم التعديلات متمثلة في:
كما استحدثت التعديلات عدداً من العقوبات التبعية مثل: سحب دفتر الشيكات من المحكوم عليها ,منع إعطائه دفاتر جديدة لمدة أقصاها خمس سنوات, وقف النشاط المهني أو التجاري , عقوبات الغرامة المالية وسحب الترخيص لمدة ستة شهور للشخص الاعتباري (عدا البنوك والمؤسسات المالية)، حل الشخص الاعتباري عند تكرار المخالفة.
بهذا نكون قد تحدثنا بشكل مفصل عن الشيكات المرتجعة، أسبابها والنتائج المترتبة عليها، بالإضافة إلى قانون الشيكات الجديد في الإمارات 2021، والذي سيتم العمل به مع بداية عام.